Friday, February 12, 2016

أصناف الناس

رسالة جميلة وصلتني أحببت أن أنقلها لكم من باب ((فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)) : “إذا تأملت في الناس ستجدهم أربعة أصناف:
١- طائع لله و سعيد في الحياة.
٢- طائع لله و تعيس في الحياة.
٣- عاصٍ لله و سعيد في الحياة.
٤- عاصٍ لله و تعيس في الحياة.

إذا وقع تصنيفك في الرقم (١) فهذا طبيعي لأن الله تعالى يقول: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»

إذا وقع تصنيفك في الرقم (٤) فهذا أيضا طبيعي لقوله تعالى: «وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ»

أما إذا وقع تصنيفك في الرقم (٢) فهذا يحتمل أمرين :- إما أن الله يحبك و يريد اختبار صبرك و رفع درجاتك لقوله «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ » - وإما أن في طاعتك خللًا وذنوبًا غفلت عنها ومازلت تُسوّف في التوبة منها و لذا يبتليك الله لتعود إليه .لقوله تعالى : «وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»


و لكن إذا وقع تصنيفك في أصحاب الرقم (٣) فالحذر الحذر لأن هذا قد يكون هو الاستدراج. و هذا أسوأ موضع يكون فيه الإنسان و العاقبة وخيمة جدًا. و العقوبة من الله آتية لا محالة إن لم تعتبر قبل فوات الأوان ! قال تعالى: «فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ»

عن القلق و الخوف

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته…. منذ فترة و لم أكتب فقلت لما لا أستغل هذه الفرصة و أكتب شيئا لعله ينفع الناس. بينما كنت قلقا من خوف يلازمني تأملت في حياتي و في هذا الخوف و القلق الذي أجده بين حين و آخر كما يجده أي إنسان فحصلت على فكرة… هذه الفكرة لا أعرف كيف أعبّر عنها، و لكني سأحاول… في مشاركات سابقة قلت بأن أصل الخوف هو الجهل، و هذا في الواقع إن شاء الله صحيح، لكن هذا الجهل قد لا يعاني منه الإنسان معاناة تؤثر عليه بشكل مباشر كالقلق و الخوق. أما إذا شعر الإنسان بالخوف فبمستوى الخوف الذي يجده تختلف الإضطرابات النفسية و الجسدية و يحس بنتائجهما مباشرة. و كأن الأصل الثاني لبلاء الإنسان هو الخوف و كأنه لا يكون في اختبار أو ابتلاء إن لم يكن هناك خوف و كأنه صار المؤمن الحقيقي… 

عندما تشعر بالخوف ستشعر بالقلق وضيق في النفس أو ضيق في الصدر أو ضغط على منطقة البطن، و إن استحكم القلق فستكون ضحية الأفكار… و إن افترستك الأفكار عشت معاناة لا يعلمها إلا الله سبحانه و تعالى. في الواقع إن سألني إنسان ما تظن أعظم إبتلاء قد يمر به الإنسان، لقلت القلق و الخوف… لهذا اتمنى حقيقة زيادة عدد العيادات الخاصة للمساعدة في علاج هذه الأمراض النفسية فإنها بنظري أخطر من كثير من الأمراض العضوية، و لابد من استقطاب ذوى الكفاءات في هذا المجال أو تدريب الموجودين عندنا لكي يستطيعوا تقديم العون للمرضى و أن يكونوا أهل ثقة بحق… على كل نعود للموضوع، الإنسان عندما يغضب، عندما يجد نفسه مضطرا للجدال و السخرية و الغيبة و الإنتقام واستحقار الطرف الآخر و ما إلى ذلك... كلها من آثار القلق و الخوف! فالإنسان عندما يغضب من أمر ما، فالسبب في غضبه أنه لم يعجبه هذا الأمر لأنه فيه تهديد لأمر ما يحبه و هذا الحب هو للذات، هذا الخوف قد يؤديه إلى الهجوم أو الدفاع أو الفرار… و إن أنت تأملت الناس من حولك، لوجدت أن كثير من الناس لا تخلو تصرفاتهم من آثار القلق و الخوف و لكنهم لا يشعرون بذلك. إن شعر الإنسان بذلك و لاحظ هذه الأمور فقد يواجه مصيبة جديدة ألا و هي التفكير الزائد عن حد تحمل عقل الإنسان. فالإنسان قد لا يتحمل هذا العلم الذي يحصل عليه باستمرار، لأنه إن ارتقى إلى هذا المستوى من المعرفة، فعادة في هذه الحالة سيقوم بتحليل كل شيء من حوله، و تحليله قد يكون مصيبا في معظم الأحوال مما يغذي اعتقاداته، و لكن العيش بشكل يومي على هذه الحالة له تأثير سلبي في بعض الأحيان، لأنه قد يبدأ الإنسان بالشعور بالقلق و الخوف. الخوف بأنه سيبقى طيلة حياته على هذه الحالة التي لا يتحملها، لذلك تجد كثير من الأذكياء يقومون بزيارة الأمراض النفسية لأنه بفضل تحليلهم يعرفون بأن ما يحصل لهم خلاف المعتاد، و الدوامة التي وقعوا فيها، و لهذا ربما قيل بين العبقرية و الجنون شعرة. أما الإنسان صاحب المعرفة المتواضعة مقارنة بإخوانه، فقد لا يشعر أساسا بأنه قلق أو مصاب بالخوف، و لهذا إن قلت له لم لا تذهب لعيادة الأمراض النفسية لقال لك: "لست مجنونا" و الواقع أن كثير من الناس (ربما معظم الناس الله أعلم) اليوم يعانون من حالة من أحوال الجنون!  و لكن شرح ذلك يطول جدا و ربما ندخل في مباحث فلسفية.

ما الحل إذا من الخروج من هذه الدوامة!؟ الحل هو بنظري الإستسلام أو لنقل الإسلام! أن يسلم المرء نفسه لأمر الله، كل ما يحصل له من خوف و قلق و ما إلى ذلك يسلم أمره، سواء شعر بالخوف أو لم يشعر، شعر بأنه قد يموت أو لا، شعر بأنه سيبقى طيلة حياته مكتئبا أو وحيدا أو ما إلى ذلك علاج هذه الأمور الإستسلام… لنقل بأن هذا الإنسان فقد أحبابه، ما الذي يخفف عنه حزنه؟ الإستسلام، لنقل بأنه يشعر بالقلق بأنه قد يجن أو يبقى حبيس هذه الأفكار التي تراوده؟ ما الذي يخفف عنه؟ شعوره بالإستسلام التام لله و يقول: “ماذا لو جننت! هذا أمر الله و أنا مستسلم له” هذا التفكير يعطي الإنسان طمأنينة و سكينة… و لكن هناك حالة أرفع من هذه الحالة من وجهة نظري، الحب التام… حب ما قدره الله وقضاه، أن تحب ما يحصل لك، و أنت تشعر بالخوف تحب أنك تعيش هذه اللحظة وبمجرد شعورك بالحب صدقني سيختفي الخوف تماما لأن كل ما تخافه له حدود، و تفكيرك محدود والمحدود عادة مهزوم أمام الحب الحقيقي إلا في حالة واحدة، حالة الخشية من الله سبحانه و تعالى، لأنه غير محدود. فبمجرد شعورك بالحب لذهب عنك الذي تجده، ولكنه قد يظهر ان اختفى الحب، و هكذا، فإن فهمت الذي أقوله (و اعذرني لا أحسن اختيار الكلمات لشرح ما يجول في خاطري الآن) لربما قلت بأن الأحداث لا تتحول إلى ابتلاءات إلا بالخوف، و كأن أصل بلاء الإنسان الخوف، و علاج هذا الخوف الإستسلام و التخلص منه وللعيش بسعادة و فرح فعليك بالحب، فإن شعرت بالخوف تذكر قوله سبحانه وتعالى: ((ففروا إلى الله)) و كما قلت سابقا، الخوف إما يؤدي إلى الهجوم أو الدفاع أو الفرار، فأنت كإنسان لا تستطيع أن تهجم على الله و لا تستطيع أن تدافع و تنصر نفسك إن أراد الله بك أمرا فلم يبقى إلا الفرار! و بما أن الإنسان لا يمكنه أن يفر من الله فأعطاه الله سبحانه و تعالى الحل: "الفرار إليه" سبحانه و تعالى، لأن الله سبحانه و تعالى مصدر الحب الحقيقي، الحب الكامل الغير ناقص، فإن أنت فررت إليه بحق كان بإذن الله نصيبك الطمأنينة و "السكينة" أو كما يقال عند الغرب Peace of Mind هذا والله أعلم. ما كان من صواب فمن الله و ما كان من خطأ فمن نفسي.