Sunday, November 30, 2014

هل قرأنا الفاتحة؟




السلام عليكم ورحمة الله و بركاته, أكتب هذه المشاركة لأتساءل إن كنا حقا نقرأ القرآن حين نقرأ! أقصد بالقراءة, قراءة تدبر يثمر المعاني الإيمانية في القلب و من ثم تتحول هذه الثمرة من ثمرة علمية إلى ثمرة عملية... باختصار أتساءل إن كنا نتدبر القرآن. لن أسألكم إن تدبرتم يوما سورة الفرقان أو الرحمن و كل القرآن يستحق أن يُتدبر, ولكني أسألكم عن سورة نكررها في اليوم على الأقل 17 مرة, إنها سورة الفاتحة. الصغير والكبير يقرأ هذه السورة في الصلوات المكتوبة و في النوافل, وكلنا نستمع إليها بشكل يومي, فهل تدبرناها؟

هل فهمنا مجمل ما في السورة؟ أم هل تساءلنا يوم, لم بدأ القرآن بسورة الفاتحة, و لم نكررها في كل ركعة؟ بل هل فهمنا معنى البسملة؟ وما الحكمة منها؟ وماذا نعرف عن اسم الله سبحانه وتعالى الله و الرحمن و الرحيم؟ ولماذا قال الله "بسم الله" و لم يقل "بسم التواب" أو "بسم العزيز" أو "بسم الرحمن"؟ وماذا يعني "الحمدلله" ولماذا ابتدأت السورة بالحمدلله, ولماذا دخلت الألف و اللام على كملة حمد, وما الفرق بين الحمد والشكر أو الحمد والمدح؟ وما الفرق بين بسم الله و الحمدلله؟ وما الحكمة من تكرار اسم الله الرحمن الرحيم, و ما موضع الرحمن الرحيم في السورة ولماذا جاءت هذه الأسماء بعد: "الحمدلله رب العالمين" و ما مناسبة (مالك يوم الدين) بما قبلها؟ ولماذا حدد الله يوم الدين في أول سورة؟ وما المراد بذكر الله أنه مالك أو ملك يوم الدين؟ وماذا عن إياك نعبد وإياك نستعين؟ ما الحكمة من تقديم العبادة على الاستعانة؟ ما الحكمة من الالتفات من صيغة الغائب إلى المخاطب, ما العبادة المطلوبة وما هي الاستعانة المذكورة؟ وما الحكمة من حصر الاستعانة بالله؟ وما معنى الصراط المستقيم؟ و لماذا وصف الصراط بأنه مستقيم؟ ومن هم المغضوب عليهم؟ وماذا عن الضالين؟ وما الفرق بين المغضوب عليهم و الضالين؟ ومن هم الذين أنعم الله عليهم؟ فهل بحثتم يوما عن إجابات لبعض الأسئلة التي أوردتها عليكم؟ فإن تساءلنا, فهل وجدنا عن إجابة لكل سؤال؟ كل يعرف نفسه! أكرر السؤال, هل قرأنا الفاتحة؟ 


Friday, November 21, 2014

ما ينبغي تدبره واستحضاره من معاني الفاتحة وغيرها في الصلاة




إذا قمت أيها المسلم إلى الصلاة فوجه كل قلبك فيها إلى استحضار كل ما يتحرك به لسانك من ذكر وتلاوة. فإذا قلت: "الله أكبر" فحسبك أن تذكر في قلبك أن الله تعالى أعظم من كل عظيم، وأكبر من كل شيء، فلا يصح أن يشغلك عن الصلاة له أو فيها شيء دونه، وكل شيء دونه. وإذا قرأت ما ورد في ذكر الافتتاح فلا تشغل نفسك بغير معناه وهو ظاهر، وإذا استعذت بالله تعالى قبل القراءة عملا بعموم قوله تعالى: ((فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)) فتصور من معنى صيغة الاستعاذة أنك تلجأ إلى الله تعالى وتعتصم به من وسوسة الشيطان الشاغلة عن الصلاة وما يجب فيها من التدبر لكتابه والخشوع والإخلاص له تعالى. وإذا قرأت البسملة فاستحضر من معناها: إنني أصلي (بسم الله) ولله الذي شرع الصلاة وأقدرني عليها (الرحمن الرحيم) ذي الرحمة العامة التي وسعت كل شيء والخاصة بمن شاء من عباده المخلصين.

وإذا قلت: (الحمد لله رب العالمين) فاستحضر من معناها أن كل ثناء جميل بالحق فهو لله تعالى استحقاقا وفعلا، من حيث إنه الرب خالق العالمين ومدبر جميع أمورهم (الرحمن) في نفسه (الرحيم) بخلقه (مالك يوم الدين) ذي الملك والتصرف دون غيره يوم محاسبة الخلق ومجازاتهم بأعمالهم فلا يرجى غيره، وإذا قلت: (إياك نعبد) إلخ فتذكر أنك تخاطب هذا الرب العظيم كفاحا بما يجب أن تكون صادقا فيه، ومعناه نعبدك وحدك دون سواك بدعائك والتوجه إليك (وإياك نستعين) نطلب معونتك وحدك على عبادتك وعلى جميع شئوننا، بالعلم بما أعطيتنا من الأسباب، وبالتوكل عليك وحدك عند العجز عنها (اهدنا الصراط المستقيم) دلنا وأوصلنا بتوفيقك ومعونتك إلى طريق الحق في العلم والعمل، الذي لا عوج فيه ولا زلل (صراط الذين أنعمت عليهم) بالإيمان الصحيح والعمل الصالح وثمرتهما وهي سعادة الدارين، وتذكر إجمالا أولئك المنعم عليهم "من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين" وأن حظك من هذه الهداية لصراطهم إنما يكون بالتأسي والاقتداء بهم في الدنيا، ومرافقتهم في الآخرة، وحسن أولئك رفيقا" (صراط الذين أنعمت عليهم) فضلا وإحسانا منك. (غير المغضوب عليهم) بإيثارهم الباطل على الحق، وترجيحهم الشر على الخير (ولا الضالين) عن طريق الحق والخير بجهلهم ((الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا))

وأنصح لك أيها التالي للقرآن في الصلاة وفي غير الصلاة، أن تقرأه على مكث وتمهل، بخشوع وتدبر، وأن تقف على رءوس الآيات، وتعطي القراءة حقها من التجويد والنغمات، مع اجتناب التكلف والتطريب، واتقاء الاشتغال بالألفاظ عن المعاني، فإن قراءة آية واحدة مع التدبر والخشوع، خير لك من قراءة ختمة مع الغفلة، ومن المجربات: أن تغميض العينين في الصلاة يثير الخواطر، ولذلك كان مكروها، وأن رفع الصوت المعتدل في الصلاة الجهرية ولا سيما صلاة الليل يطرد الغفلة، ويوقظ راقد الخشية، وإعطاء كل أسلوب حقه من الأداء والصوت يعين على الفهم، ويستفيض ما غاض بطول الغفلة من شآبيب الدمع. – من تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله.