Wednesday, October 1, 2014

تنزيه نبي الله لوط عليه السلام




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أكتب هذه المشاركة لأن أختا لي في موقع تويتر نبهتني على أمر, وهو الصاق الناس للفاحشة باسم لوط, فيقولون لوطي لمن يعمل عمل قوم لوط أو لواط لاسم الفاحشة وأنه أمر منكر, وهناك من يستدل بحديث للإقرار على ذلك. لا أعلم الحديث المقصود لكني في الحقيقة لم أجد حديثا صحيحا ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم فيه ذلك, فبحثت عن هذا الحديث المقصود بنية دراسة السند إلا أني لم أجده. فقلت أكتب بشكل عام عن هذا الموضوع, فمن وجد حديثا صحيحا يستخدم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لفظة "لوطي" أو "لواط" فليعلمني. أما الحديث الذي أعرفه فهو في سنن ابن ماجه وهو كالتالي:

حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبي فديك حدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الرجل للرجل يا مخنث فاجلدوه عشرين وإذا قال الرجل للرجل يا لوطي فاجلدوه عشرين" سند الحديث مظلم, أولا فيه ابن أبي حبيبة و هو إبراهيم بن إسماعيل بن أبى حبيبة الأشهلى وهو "ضعيف" كما قال ابن حجر في التقريب, وقال البخاري عنه: "منكر الحديث" و قال الدارقطني: "متروك" وقال النسائي: "ضعيف" و قال عنه يحيى بن معين: "ليس بشيء". ثم إن الحديث فيه داود بن الحصين الذي قال عنه أبو داود: " أحاديثه عن عكرمة مناكير" وهو هنا يحدث عن عكرمة. وقال أبو زرعة: "لين" و قال ابن حجر في التقريب: "ثقة إلا في عكرمة" و قال سفيان بن عيينة: "كنا نتقي حديث داود بن الحصين" و قال أبو حاتم الرازي: "ليس بالقوي". فالحديث ضعيف وكذلك حكم الشيخ الألباني رحمه الله على الحديث و أورده ابن الجوزي رحمه الله في كتاب الموضوعات فلا يصح الاستدلال بهذا الحديث.

الحقيقة هناك كلمات تستخدم بين عوام الناس لكني لا أستخدمها ولا أتقبّلها سواء أجازوها أم لا, مثل قول أحدهم: "لوطي" أو "لواط" وطبعا عندما يقولون لوطي يقصدون من يعمل عمل قوم لوط, واللواط يعني الفاحشة التي كانت منتشرة في قوم لوط. والحقيقة أظن والله أعلم بأن من أشاع ذلك قد أساء إلى نبي الله لوط سواء شعر بذلك أو لم يشعر لأنه نسب أهل الفاحشة إلى لوط عليه السلام. وللأسف طلاب العلم والمشايخ دائما يدعوننا إلى التمسك بالألفاظ الواردة في الكتاب والسنة ولكنهم لا يفعلون ذلك, فتجد في مواقعهم يقولون: "لواط, وما حكم اللوطي"...الخ أين تجدون في كتاب الله تسمية هذه الفاحشة باللواط؟ وأين تجدون في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوطي أو لواط؟ كل ما وجدته: "عمل قوم لوط".

إننا نلاحظ أثر هذا الخلط في عوام الناس اليوم, لا يكاد أحدنا يسمي ابنه لوط! وذلك لأن الناس ربطوا الفاحشة وأهلها بهذا الاسم! فإن قالوا بأن معنى لاط لامس فأقول لهم إذا قولوا لكل من يلامس أخاه أو زوجته أو أباه لاط به ولم أسمع أحدا يقول ذلك, فلماذا تستخدمونها في هذه الفاحشة بالذات؟ ثم إن قالوا بأن العلماء ذكروا هذه الألفاظ وربطوها بالفاحشة أو فاعلها من غير نكير فلا يرد علينا, لأن العلماء أفعالهم وأقوالهم ليست معصومة وليست من عند الله, إنما من عند أنفسهم. فإن قالوا بأنه ثبت عن ابن عباس فأقول لهم أين ما تدعون؟ إن الرواية التي فيها "لوطي" ضعيفة كما حكم عليه علماؤكم!

من قرأ كتاب "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله, لوجده منصفا وليس متحيزا لعلماء السلف كما يفعل بعض العلماء اليوم ويتركون الأولى أن يُتحيز له, قال الشيخ رحمه الله: " تبيّن لي بعد استشارة واستخارة ، أن جميع ما قيدته من استدلال استظهرته لا يخلو من حمية للعلماء الذين تتابعوا على ذلك (يعني التعبير بلفظ (اللواط) عن عمل قوم لوط) ، والحمية لنبي الله لوط – عليه السلام – وهو معصوم ، أولى وأحرى ، والله سبحانه وتعالى يقول: ((هل جزاء الإحسان إلا الإحسان))، فكيف ننسب هذه الفعلة الشنعاء: (الفاحشة) إلى نبي الله لوط – عليه السلام – ولو باعتباره ناهياً ، ولو كان لا يخطر ببال مسلم أدنى إساءة إلى لوط عليه السلام؟ ولعلك تجد من آثار هذه النسبة أنَّك لا تجد في الأعلام من اسمه لوط إلا على ندرة ، فهذا "سير أعلام النبلاء" (يقصد كتاب الذهبي المعروف) ليس فيه من اسمه لوط، سوى واحد: أبو مخنف لوط بن يحيى. هذا جميعه أقوله بحثاً لا قطعاً، فليحرره من كان لديه فضل علم زائد على ما ذكر ؛ ليتضح الحق بدليله ، والله المستعان "

ومثل ذلك حصل مع علي بن أبي طالب و الحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين, فإنهم ربطوا هذه الأسماء بالشيعة و الروافض, وبما أن هناك خصام شديد بين أهل السنة والشيعة منذ القدم, انظر إلى تحرج بعض الإخوة عندنا في الخليج وخاصة في السعودية بتسمية أبنائهم بالحسين, بل أنا شخصيا أعلم أحد الإخوة اسمه علي, فقلت له هل ستسمي ابنك الحسن أو الحسين؟ قال: "تريدهم أن يشكوا بي ويتهموني بالتشيع" ومعلوم عند أهل السنة بأن الصحابي علي بن أبي طالب من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحب الحسن والحسين بل هو من سماهم! كنت مع بعض الإخوة فكنا نتاذكر الأسماء, فنقول هذا الاسم جميل وهذا قبيح وهكذا, فجاء ذكر الحسين فقال أحد الإخوة بأنه يكره هذا الاسم ‍! فقلت له لا تكره, فالرسول صلى الله عليه وسلم سمّاه الحسين! أتكره اسما اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبه؟ فلم يكن منه إلا وخجل من نفسه. فعن نفسي إن كنت ناصحا إخواني, فأقول لهم عليكم بألفاظ القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة فإنه خير لكم. فإن قال الله عن عمل قوم لوط فاحشة فقولوا فاحشة وهكذا. أسأل الله أن يوفقني وإياكم لكل خير, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

1 comment:

  1. أبحاث ممتازة فهل يحل لك شرعاً تركها في الشبكة العنكبيوتية للضياع يجيب أن تسجلها في كتاب

    ReplyDelete