Wednesday, September 17, 2014

العمل بالأحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أكتب هذه المشاركة بسبب سؤال أحد الإخوة في موقع الـask.fm لي "هل أنت قرآني" فأجبته بأني لست من الذين ينتسبون لمذهب القرآنيون إنما أنا أخذ القرآن الكريم وما ثبت من السنة النبوية الصحيحة من غير قيام شبهات حول الحديث إن كان هو ظني الثبوت. قبل التفصيل أحب أن أقول أنه يسرني جدا أن أكون قرآنيا إن كنتم تقصدون بأنه من أهل القرآن, بل أظن أن هذا أمنية كل مسلم بل ينبغي أن يسعى كل إنسان أن يكون من أهل القرآن! أما أن أكون قرآنيا ولا أتبع ما في القرآن من تعاليم وأستهزئ بالأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم بغير برهان عندي على بطلانه فهذا ليس بقرآني حقيقي وراجعوا المشاركة السابقة والتي كانت بعنوان: "رسالة إلى أحمد صبحي منصور". ولكن قد يتساءل بعض من يتابع مدونتي أو صفحاتي الشخصية على الإنترنت في المواقع الاجتماعية, ما سبب هذه الشبهة حولي يا ترى؟

السبب أيها الإخوة, أنهم عندما يجدون أني أطلب بعدم الجزم أو القطع بأن الأحاديث فعلا قالها النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه بحاجة إلى علم الغيب لكي يقسم على ذلك. أو أني لا ألزم الآخرين بأحاديث غير قطعية الثبوت إن كان حول الرواية أو الراوي شبهة ما, سواء مخالفة القرآن الكريم أو تنازع نصوص, هل فلان عدل أو غير عدل وخاصة إن كانت الروايات أحيانا تدل على هذا أو ذاك, هنا لا ألزم أحد الطرفين بالإيمان بها. أما بعض المشايخ والعلماء للأسف يُكفّرون الناس على أمور ظنية الثبوت وأمثلة ذلك كثيرة, فمثلا تجدهم يكفرون من ينكر حديث قتل الوزغ أو من ينكر خروج الدجال أو نزول عيسى أو ما شابه ذلك فيصفونه بالكافر أو الزنديق أو المنافق كما فعلوا مع الدكتور عدنان إبراهيم وغيره بالرغم من أن هذه الأحاديث عليها شبهات, بل شبهات قوية جدا وهي في نفسها ظنية الثبوت, فلماذا نُكفّر هذا المسلم بسبب حديث لا نستطيع القطع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله أو فعله أو أقره؟

قد تتساءل؟ إذا كنت تعمل بالظن وإن كان الحديث مكذوبا فإنك مبتدع في الدين؟ أقول لا لست مبتدعا إنما أنا غلب على ظني (ولا أقطع) بأن الحديث صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعملت به ولم أجد شبهة, فإن كان في هذا بدعة, فهي بدعة حسنة إن شاء الله. ألم تجد في كتاب الله سبحانه وتعالى: ((ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)) قال ابن جرير رحمه الله: "ما افترضنا تلك الرهبانية عليهم (إلاَّ ابْتِغاءِ رِضْوَانِ اللّهِ) يقول: لكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله." هل الله سبحانه وتعالى أنكر عليهم بسبب ابتداعهم أم أنه أنكر عليهم بسبب عدم رعايتها؟ هؤلاء القوم ابتدعوا أمورا لابتغاء مرضات الله. وفعل عمر رضي الله عنه معروف جدا في موضوع في صلاة التراويح. الذي أريد أن أقوله, بأن المسلم إن شاء الله لا يكون آثما إن هو غلب على ظنه بأن هذه الأحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو عمل بما يغلب على ظنه ثم انتفت الشبهات حول هذه الأحاديث. أما إن كان هناك شبهات لنفترض بأن في ظاهرها تعارض القرآن الكريم والمقاصد القرآنية فشيء آخر لأن الأصل الأول عندنا كتاب الله سبحانه وتعالى وهو الثابت عندنا.

قد تقول: "إذا كنت لا تستطيع القطع بأن الأحاديث قالها الرسول صلى الله عليه وسلم, إذا لماذا تعمل بها؟ لماذا تأخذ بأحاديث وتترك أحاديث أخرى, أليس هذا دليلا على اتباع الهوى؟ فما وافق هواك أخذته وما خالفه تركته؟" أقول مجيبا بأن المسألة ليست مسألة اتباع هوى, إنما المسألة, مسألة قيام شبهات في النفس وهذه الشبهات قد تمس عقيدتنا. فأين المشكلة مثلا إن عملنا بحديث: "من صلى اثنتي عشر ركعة تطوعاً في يوم وليلة بنى الله له بهنّ بيتاً في الجنة" ؟ وأين المشكلة في أذكار الصباح أو المساء أو بعد الصلوات المفروضة؟ لا مشكلة في هذه الأحاديث, بل كلها أمور طيبة وحسنة وليس فيها حرج إن شاء الله, فأين المشكلة أن نأخذ بها وإن كانت ظنية الثبوت؟ لا مشكلة! المشكلة عندما تأتي لأحاديث قد تسبب إزهاقا للأنفس أو إحراجا عظيما على النفس أو ما شابه ذلك خاصة إن كان فيها شبهات. مثلا خروج الدجال أو نزول عيسى بن مريم قد يسبب إحراجا للبعض بسبب الشبهات التي ترد على البعض إن آمن بهذه العقيدة, سواء شبهات مخالفة الحديث لظاهر القرآن الكريم أو العقل الصريح أو التقليل من شأن الله سبحانه وتعالى وما شابه ذلك (وإن كان هناك مجالا للتوفيق) فلماذا ألزم الآخرين بالإيمان بها فإن لم يؤمن كفر وخاصة هذه الأمور غير مذكورة في القرآن الكريم؟ مثلا أجد حديثا يُنسب للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه يأمر بالبذاءة (أستغفر الله العظيم) وأجد في كتاب الله العزيز تزكية الله سبحانه وتعالى لنبيه: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) فالتعارض ظاهر, فهل أكون مُلزما بأن أؤمن بحديث عن فلان عن فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه نقص للنبي صلى الله عليه وسلم فقط لأن فلانا من الناس صحح هذا الحديث أو طائفة من العلماء صححوا الحديث؟ أنا لم أنكر هذا الحديث إلا بسبب حبي للنبي صلى الله عليه وسلم واحتراما وإجلالا له, فكيف أكون كافرا إن لم أؤمن بذلك وخاصة أن الحديث المنسوب فيه شبهة ظاهرة لمخالفة ظاهر القرآن الكريم؟

مثال آخر, نجد كثيرا من الناس في الغرب يهتمون بالحيوانات, فإن سمعوا مثلا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الوزغ, ومن قتله في الضربة الأولى يحصل على كذا وكذا حسنة ومن قتله في الضربة الثانية يحصل على كذا وكذا حسنة, هذا بلا شك يسبب إحراجا لهم وقد قال الله سبحانه وتعالى ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)) فيستمع هذا الغربي لعالم يقول هل القتل واجب أم مندوب؟ فإن كان واجبا فهو آثم وإن كان مندوبا فهو مقصر في تطبيق السنة وفي كلا الحالات سيشعر بالنقص. هذا بالرغم من أن الحديث فيه مخالفة ظاهرة للقاعدة القرآنية: ((وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)) ثم إن هناك شبهات غيرها والحديث حديث آحاد غير متواتر وربما هناك شبهات حول رواة الحديث. فلماذا نلزم هذا الغربي بالإيمان بهذا الحديث ونُكفّره إن هو لم يؤمن بها وآمن بمئات الأحاديث غير هذا الحديث؟ فهو لا يرد على الرسول صلى الله عليه وسلم أو يكفر به, ولا ينكر الالتزام بسنته إن ثبت في قلبه بأن الحديث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فعلا, ولكنه ينكر أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قال مثل هذا ومن تأمل في الذي أقوله لوجد أن كثير منا يصد عن سبيل الله سبحانه وتعالى وهو لا يشعر. وأيضا قد تتساءل: "إذا المسألة في قيام الشبهات في النفس, فالمسلم قد تورد عليه الشبهات حتى في القرآن؟ فلماذا تأخذ بالقرآن وتلزم المسلم ولا تلزمه بالأحاديث" السبب في ذلك أن القرآن الكريم قطعي الثبوت, ليس هناك أدنى احتمال أن يكون قول البشر, أما هذه الأحاديث الآحاد فالاحتمال وارد وهذا واضح لا يحتاج لمزيد شرح. ففرق بين قولي لا ألزم الآخرين بالعمل بحديث آحاد فيه شبهات وبين أن أقول لا تأخذوا بالأحاديث, فرق كبير جدا وربما بسبب عدم فقهنا للأمور لا ندرك هذا الفرق الكبير. أسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يجعل ما علمنا حجة لنا لا حجة علينا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




No comments:

Post a Comment