Saturday, November 16, 2013

بين طالب الآخرة وغيره




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أنقل لكم مقارنة بين طالب الآخرة وغيره من فئات البشر, اقتبستها من كتاب: "الأخلاق والسير" وهي من روائع كلمات ابن حزم رحمه الله... قال ابن حزم: "طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة وطالب الشر متشبه بالشياطين... وطالب الصوت والغلبة متشبه بالسباع... وطالب اللذات متشبه بالبهائم... وطالب المال لعين المال لا لينفقه في الواجبات والنوافل المحمودة أسقط وأرذل من أن يكون له في شيء من الحيوان شبه ولكنه يشبه الغدران التي في الكهوف في المواضع الوعرة لا ينتفع بها شيء من الحيوان...

فالعاقل لا يغتبط بصفة يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد وإنما يغتبط بتقدمه في الفضيلة التي أبانه الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات وهي التمييز الذي يشارك فيه الملائكة. فمن سر بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله عز وجل فليعلم أن النمر أجرأ منه وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه... ومن سر بقوة جسمه فليعلم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسما... ومن سر بحمله الأثقال فليعلم أن الحمار أحمل منه... ومن سر بسرعة عدوه فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع عدوا منه... ومن سر بحسن صوته فليعلم أن كثيرا من الطير أحسن صوتا منه وأن أصوات المزامير ألذ وأطرب من صوته... فأي فخر وأي سرور في ما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه لكن من قوي تمييزه واتسع علمه وحسن عمله فليغتبط بذلك فإنه لا يتقدمه في هذه الوجوه إلا الملائكة وخيار الناس"

أما طالب الآخرة فهو ((من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى)), جامع لكل فضيلة لأن نهي النفس عن الهوى هو ردعها عن الطبع الغضبي وعن الطبع الشهواني, لأن كليهما واقع تحت موجب الهوى فلم يبق إلا استعمال النفس للنطق الموضوع فيها الذي به بانت عن البهائم والحشرات والسباع... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي استوصاه (لا تغضب) وأمره عليه الصلاة و السلام أن يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه جامعان لكل فضيلة لأن في نهيه عن الغضب ردع النفس ذات القوة الغضبية عن هواها... وفي أمره عليه الصلاة و السلام أن يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه ردع النفس عن القوة الشهوانية وجمع لأزمة العدل الذي هو فائدة النطق الموضوع في النفس الناطقة... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...


No comments:

Post a Comment